الرئيسية > اخبار حصرية

الراحلة عائشة الخطابي في لقاء خاص سابق مع مجلة “لالة فاطمة” : “عشنا حياة غير عادية “

  • الإثنين 25 سبتمبر 2023 - 16:00 | لالة فاطمة

توفيت عائشة نجلة محمد بن عبد الكريم الخطابي عن عمر ناهز 81 عاما، بعد معاناة مع المرض بالعاصمة الاقتصادية البيضاء ،وحضر تشييع جنازتها صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد.

ويعود آخر ظهور علني وإعلامي كبير للراحلة  إلى 30 يوليو 2018، بمناسبة عيد العرش المجيد .

 وكان للراحلة عائشة الخطابي لقاء خاصا مع مجلة “لالة فاطمة” نعيد نشره ..

عائشة الخطابي :سيدة ذات تجربة خاصة، عاشت جزءا من طفولتها في جزيرة لارينيون ثم انتقلت إلى القاهرة ومنها إلى وطنها المغرب، لتتابع قصة حياة عائشة كريمة محمد الخطابي، السيدة الاستثنائية بكل المقاييس.

مع والدها عبد الكريم الخطابي / photo :oldmaghrib

حياة غير عادية

تقول عاثشة حول أهم اللحظات التي ظلت راسخة في ذاكرة الطفولة : “عندما كان عمري ما بين سنة إلى خمس سنوات، كنت رفقة عائلتي بالمنفى وبالضبط  في جزيرة لارينيون وهي الجزيرة التي قضى فيها الوالد 21 سنة. خلال هذه المدة تحضرني صورة أمي وهي تذرف دموعا بين الفينة والأخرى، بدون أن أعرف السبب و!ن كان عقلي الصغير حينها يقول، هذا لأن والدتها توفيت وهي بعيدة عنها، ثم صورة الوالد وهو في حديقة البيت يفكر طيلة الوقت.

خلال هذه الفترة كنت أدرك رغم حداثة سني أننا في المنفى وأننا بعيدين عن الوطن.”.وتضيف السيدة عائشة في سرد الذكريات: “في سن خمس سنوات، رحلنا إلي مصر وبالضبط إلي القاهرة، حيث حظينا هناك بترحاب واستقبال المصريين في عهد الملك فاروق كان ذلك سنة 1947، كنا نعامل معاملة خاصة من طرف الملك نفسه، دللنا كأطفال وحرص على رسم الابتسامة على وجوهنا كلما حلت مناسبة من المناسبات، وذلك بإرسال اللعب والفساتين والأحذية. خلال هذه الفترة لم نشعر قط بأننا غرباء داخل هذا البلد، أذ كر أن والدي كان مشغولا، فلم يكن يجد الوقت حتي لتناول غذائه، وقليلا ما كان يتناوله مع أفراد أسرته.

فقد كان منزلنا الصغير في القاهرة منقسما إلي قسمين باستمرار، قسم للوالد وضيوفه من السياسيين والزعماء العرب، والقسم الآخر مخصص لنا نحن أفراد أسرته، وكان هناك باب خاص بنا. لكنه كان لا يذهب إلي النوم حتي يطمئن علينا جميعا”..

أب حريص على أبنائه

لم تكن الحالة العائلية التي عاشتها عائشة رفقة أشقائها وشقيقاتها العشرة، حالة الأسرة العادية، لكن الأب كان حريصا على السؤال عن أحوال وهموم أبنائه، تقول عائشة : صحيح أن أبي كان رجل حرب، وكان معروفا بصرامته، ونظرة واحدة منه كانت تكفي لإسكات الجميع، إلا أنه كان أيضا أبا حنونا، يفوق حنانه حنان أي شخص آخر، رغم انشغالاته الكثيرة، والصورة التي ترسخت في ذهني وأنا الابنة المدللة، أنه كان من طينة الآباء الذين يحرصون على تريية أبنائهم، ودائم السؤال عن أحوالهم، وكان لا ينام قبل أن يرانا في المساء ويطمئن علينا، إذا غضب علينا، لسبب من الأسباب، كان يعاقبنا برفق ويحرمنا من بعض الأشياء التي نحبها. كان يحرص رحمه الله علي إيجاد وقت لتعليم الصلاة وتحفيظ القرآن الكريم، لقد كان مثالا رائعا للمتدين الذي فهم دينه جيدا، وكان

يحثنا دوما على الصلاة، ولم يكن متعصبا أو مغاليا في الدين، كما كنا نتلقى في المنزل دروسا في اللغة العربية والإسلاميات، خاصة القرآن والأحاديث النبوية، وندرس ونقرأ الأمداح النبوية”..

تريية خاصة

على خلاف الذكور، نالت بنات محمد بن عبد الكريم الخطابي تربية خاصة جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وتوضح عائشة بالقول : “التحقت في البداية بمدرسة (عادية) تدرس  اللغتين العربية والإنجليزية، ونظرا لصعوبة الاكتساب والتعلم في مثل هذه المدارس، أصر والدي على التحاقي بالكلية الأمريكية للبنات ودرست هناك إلى البكالوريا، وبما أنني أعرف أن والدي لن يسمح لي بولوج الجامعة المختلطة، فهو لا يعجبه الاختلاط كثيرا مع الناس. مكثت في البيت لفترة، علما بأن أشقائي الذكور كانوا على خلاف الوالد، يعاملوننا نحن البنات بقسوة، لدرجة أننا كنا نخاف من مصادفتهم لنا أثناء خروجنا من البيت، (راهم بقاو روافة أو ما بغاوش يتمدنو) تعلق السيدة عائشة بابتسامة عريضة لتستدرك بعد ذلك قائلة: أما أمي فقد كانت مثالا للأم التي تضحي من أجل أبنائها، ولا تبخل عليهم بحنانها وعطفها وتوجيهها، علما بأن لوالدي زوجتين عاشتا معا وتكلفتا بتربية 11 ابنا، 5 بنات و6 أولاد.”

مع أسرتها

الزواج والعودة إلى الوطن

توقفت عائشة لمدة قصيرة عن الدراسة لتصادف بزيارة ابن خالهم الذي أتى لرؤية عمته لأول مرة في القاهرة. حيث التقت عائشة بالدكتور بوجيبار ثم أعجبا ببعضهما البعض، وتم الزواج برضاها وبمباركة عائلتها.

 تصف عائشة هذا التحول بالقول:” تزوجت بالدكتور بوجيبار، ثم التحقت بعدها بأرض الوطن سنة 1964، حيث كنت الوحيدة من بين أخواتي البنات من تزوجت بمغربي ، وكان والدي يرغب قبل موته في أن أتزوج في المغرب .

أتذكر أنه عندما وصلت على متن الطائرة إلى المغرب، والذي كان للإشارة أول سفر لي بالطائرة، وعمري آنذاك 21 سنة، فبمجرد ما وطأت قدماي أرض الوطن أحسست بدوران شديد وخفقان غير عادي. وبكيت كثيرا، وكدت أموت بسبب الحالة غير العادية التي انتابتني عندما نزلت من سلم الطائرة، فنسيت الزواج ونسيت كل شيء. إعتقد الناس أن سبب بكائي راجع إلى أني اًرغمت على الزواج من بوجيبار، وبأني لا أريد الزواج؛ لكن سبب هذه الحالة هو أني في تلك اللحظة تذكرت الوالد الذي مات خارج الوطن ولم يعد إلى بلده. حيث لم يتحقق حلمه برؤية بلده قبل أن يموت” .

إذن فارقت عائشة في تلك المرحلة، عائلتها وأشقاءها متغربة عنهم – كما تقول – وإن كانت في بلدها رفقة زوجها وأبنائها..

وتحكي قائلة: “استقريت في المغرب بحكم عمل زوجي، وعدت مفردي بعيدا عن حضن أمي الدافئ. فعلا فقد صدق من قال بأن حياتنا عذاب وألم، حيث رافقنا الحزن طيلة وجودنا في المنفى، وفي مصر كان الكل

يعيش على أمل العودة إلى حضن الوطن الأم، واليوم أنا الوحيدة من بين أفراد عائلتي من تعيش في المغرب. مفارقة عجيبة”..

لدى عائشة ثلاثة أبناء (ولدان وبنت). ولديها أحفاد يزورونها بين الفينة والأخرى، وبالحديث عنهم، تختم عائشة قائلة : “أبنائي واعون بما عانيته وعشته بعيدا عن أرض الوطن، وهم اليوم يحيطوننا بكل الحب بل حتى عند زواجهم وابتعادهم عني، فهم ظلوا جيرانا لي يسكنون على بعد أمتار قليلة من المنزل”. عائشة اليوم لم تعد تحتمل التنقل أو السفر، بل باتت تفضل العيش في بلدها، لدرجة أنها طلبت من أبنائها عدم الزواج بأجنبيات حتى لا تعيش السيناريو نفسه مرة أخرى .

مستحيل تحقيق المساواة

سألنا عائشة الخطابي حول رؤيتها لوضعية المرأة المغربية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، فأجابت بعفوية، استدركت بعدها أنها ربما لن تعجب النساء كثيرا، وقالت: “المرأة المغربية تطورت بشكل كبير، حيث أصبحت وزيرة وبرلمانية وعميدة وغيرها.. وشغلت مناصب كانت حتى عهد قريب حكرا على الرجل، بخلاف العديد من الدول العربية التي مازالت فيها المرأة تتطور ببطء شديد.وأضافت، لكن كل هذا لم ولن يحقق المساواة بين المرأة والرجل، مبينة السبب في كون (المرأة مرأة، والرجل رجل، ومن المستحيل تحقيق المساواة لا من الناحية الجسمانية ولا من الناحية الفكرية أو غيرها، حتى العلم أثبت أن مخ الرجل أكبر حجما من مخ المرأة، وبالتالي من الصعب بل من المستحيل أن نحقق هذه المساواة”.

عبر عن رأيك

اقرأ المجلة عبر الضعط على الصورة